عربية ودولية

مادة بمعاهدة الناتو تغيظ الكرملين.. فهل تلوي ذراع موسكو؟

مع تصاعد التوتر بين موسكو والغرب على خلفية الأزمة الأوكرانية والحشد العسكري الروسي على الحدود، تطل المادة 5 من معاهدة شمال الأطلسي، القائمة على مبدأ الدفاع الجماعي، لتثير غيظ الكرملين.

فتلك المادة تضمن إمكانية استخدام موارد التحالف بأكمله لحماية أي دولة عضو فيه، ونظراً لأن الولايات المتحدة هي أكبر وأقوى عضو في الناتو، فإن أي دولة في الحلف تخضع فعليا لحمايتها.

ولعل هذا ما جعل الكرملين أكثر من مرة يشدد على ضرورة تهدئة المخاوف الروسية من تدخلات أو توسع الحلف شرقا، علما أن تلك المادة استخدمت مرة واحدة بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 الشهيرة في أميركا.

دفاع مشترك

وتتضمن المادة 5 التي تعد أحد المبادئ التأسيسية للحلف القائمة على أساس الدفاع المتبادل عن الأعضاء، أنهم يتفقون على أن أي هجوم مسلح ضد واحد أو أكثر منهم في أوروبا أو أميركا الشمالية، سيعتبر هجوما ضدهم جميعا.

كما يجب على الناتو اتخاذ الإجراءات التي يراها ضرورية، بما في ذلك استخدام القوة المسلحة، لاستعادة الأمن في أي منطقة موجود في بنود المعاهدة والحفاظ عليها.

كذلك تسمح المادة 5 من معاهدة تأسيس الحلف برد مسلح على أي تهديد، إلا أن الصياغة غامضة وواسعة في هذه النقطة، حيث تترك مجالا لأنواع أخرى من الإجراءات.

بداية الأزمة

وبدأت الأزمة بعد إعلان التحالف اعتراضه على ضم روسيا لشبه جزيرة القرم وغزو منطقة “الدونباس” في شرق أوكرانيا.

إلى أن بادرت مؤخرا بعض دول الناتو، على رأسهم الولايات المتحدة، إلى إرسال المساعدات العسكرية القوية جداً لكييف.

ورغم أن أوكرانيا ليست عضوا فيه، إلا أنها أصبحت فعليا تحت حماية الحلف، وصنف دعمه لها منذ عام 2014 على أنه “تدابير دفاع جماعي مُحسَّنة”، تقع ضمن اختصاص مبادئه.

ولهذا ترى روسيا اليوم أن نمو الحلف وتوسّعه شرقاً يمثل تهديداً وجودياً لها، وتتهمه بمحاولة تطويقها، خصوصاً أن من بين 14 دولة متاخمة لروسيا، يوجد 5 دول أعضاء في “الناتو”، تشارك 6% من الحدود البرية لروسيا.

في حين لم تفعل المادة 5 من مبادئ حلف الأطلسي إلا مرة واحدة، كانت يوم 12 سبتمبر/أيلول من عام 2001، وذلك بعد يوم من هجمات 11 سبتمبر، وجاءت دعماً للولايات المتحدة.

وبذلك، نشر”الناتو” لاحقا في أفغانستان، حيث كانت هذه المرة الأولى التي يتدخل فيها الحلف عسكريا خارج المنطقة الأوروبية الأطلسية. إلا أنه شارك على مر السنين في عمليات ومهام عسكرية أخرى صنّفها إدارة أزمات.

وينفّذ حاليا عمليات نشطة في كوسوفو والعراق والبحر الأبيض المتوسط، إضافة إلى عمله مع قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الإفريقي وبرنامج “الشرطة الجوية”، والذي عززه بعد الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2014.

أقوى تحالف عسكري بالعالم

يذكر أن حلف شمال الأطلسي المعروف بـ”الناتو” كان تأسس عام 1949، ليكون حصناً ضد الاتحاد السوفياتي السابق.

وضم التحالف العسكري بداية 12 دولة فقط، قبل أن ينمو إلى 30 دولة، بينها إستونيا ولاتفيا وليتوانيا، التي كانت جزءًا من الاتحاد السوفياتي، وكذلك جمهوريات التشيك والمجر وبولندا، التي كانت جزءا من “حلف وارسو” الذي أسسته موسكو رداً على “الناتو”.

إلا أنه رغم انهيار الاتحاد السوفياتي وزواله، لم يتضاءل “الناتو” أبداً، بل ازداد نموّاً وتطوراً، خصوصاً مع صعود المخاوف الأمنية لأعضائه من سلوكيات روسيا، وحافظ على مكانته كأقوى تحالف عسكري في العالم.

أما في عام 2008، فأعلن حلف الناتو أن أوكرانيا وجورجيا ستصبحان عضوين بمجرد تلبيتهما معايير الحلف بشأن الحكم والشفافية، وإجراءات أخرى. إلى أن سنت أوكرانيا عام 2017، قانوناً يجعل عضويتها أولوية، لكنها لم تتقدم بهذا الطلب.

كما جرى نشر القوات الأطلسية أو المساعدة في دول مثل دول البلقان وليبيا والصومال والعراق وباكستان والولايات المتحدة بعد إعصار “كاترينا”.

روسيا تنفي

ورغم المخاوف الدولية إلا أن روسيا كانت خففت خلال الأيام الماضية من مسألة الغزو، معتبرة أنها حملة تضليل أميركي لا أساس لها، على الرغم من الحشود التي تزداد يوميا على الحدود الأوكرانية، التي باتت مطوقة من 3 جهات عمليا.

كما عمدت إلى انتهاج “حرب من نوع أخرى” أو ربما حرب كلامية، تجلت في مواقف بوتين مع ماكرون، فضلا عن تصريحات لافروف والآن أشاكوف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى