عربية ودولية

بعد ظهور الحريري في مقابلة تلفزيونية زاد الغموض المحيط بمستقبل لبنان السياسي

بعد غياب غامض، ظهر رئيس الوزراء اللبناني المستقيل سعد الحريري فجأة في لقاء تلفزيوني ليؤكد أنه حر. ظهور الحريري زاد من غموض موقفه، وسلط الضوء على المشهد اللبناني وتعقيداته، وبدلا من طمأنه اللبنانيين أثار اللقاء قلقهم.
أخيراً وبعد غياب، ظهر رئيس الوزراء اللبناني المستقيل سعد الحريري في مقابلة تليفزيونية. وبدلا من أن تميط هذه المقابلة اللثام عن الغموض الذي صاحب اختفاء الرجل، زادت من شكوك اللبنانيين بأن رئيس حكومتهم المستقيل يتعرض لضغوط هائلة.

خلال المقابلة التلفزيونية أطلق البعض وسما “هاشتاغ” بعنوان #تحت_الضغط، حيث عبر خلاله الكثير من المتابعين عن شعورهم بالحزن الشديد للمظهر الذي بدا عليه رئيس وزراء لبنان، وطالبوا بعودته لأرض الوطن.

لقاء تلفزيوني يثير الغموض

ويرى الصحفي والكاتب السياسي اللبناني أمين قمورية في مقابلة مع DW عربية أن لقاء سعد الحريري التلفزيوني طرح أسئلة أكثر مما قدم إجابات، حيث زادت هذه المقابلة من الغموض المرافق لاختفاء الحريري، وساهم في التباس الأمور.

وعن ملاحظات قمورية حول اللقاء قال الخبير اللبناني: “كان من الواضح تماماً عدم ارتياح الرجل، وبدا ذلك واضحاً في طريقة كلامه” وتابع “بدا الحريري وكأنه ليس حاضراً ولا متابعاً لما يحدث بالكامل على الأرض اللبنانية، إلا أن اللافت للأمر أن رئيس الحكومة طرح فكرة إمكانية عودته لرئاسة الحكومة متى استجيب لشروطه للتسوية”. وقال قمورية الأهم من كل ذلك أنه “اتضح أن الأزمة كلها سببها اليمن أو بمعنى أدق ما يريد السعوديون قوله لحزب الله: “أعطونا اليمن .. نعطيكم لبنان“.

سعد خارج المشهد.. لماذا الآن؟

وتثار العديد من التساؤلات حول سبب ما يقال إنه غضب سعودي على سعد الحريري، خاصة أن السعودية دعمته مسبقا من أجل خلافة والده الراحل سياسياً، إلا أن الأمر انتهى به في السعودية دون معرفة حقيقة وضعه، وعما إذا كان محتجزا بالفعل أم أنه يخشى على حياته في لبنان، كما قال في خطابه.

وعن سبب استبعاد السعودية لسعد الحريري الآن من المشهد قال قمورية: “يوجد هناك احتمالان لا ثالث لهما، الأول إنه موجود في السعودية بصفة سعودي، وليس بصفة رئيس وزراء لبنان، لذلك ينطبق عليه ما ينطبق على الأمراء المحتجزين”.

أضاف قمورية أن الأمر الثاني هو أن السعودية أرادت من خلال بيان الاستقالة إحداث صدمة في لبنان من شأنها ان تقلب الوضع الداخلي رأسا على عقب حيث تبدو استقالة سعد وكأنها رفع للغطاء عن حزب الله ما سيضطر الحزب للتراجع.

وتابع قمورية: “كان يُعتقد أيضا أن استقالة الحريري قد تدفع بضغوط من الشارع على حزب الله، لكن كل ذلك لم يحدث فحزب الله اعتبر سعد الحريري أسيرا محتجزا”. وأضاف الخبير اللبناني أنه تبين أن البدائل عن سعد الحريري أو من يحرضون عليه لاستبداله أنهم “مجرد فقاعات في الهواء، ليس لها وزن ولا تأثير، ولا يمكن أن يؤثروا على حزب الله”.

ضغوط عربية وأوربية على السعودية

ويشير مراقبون إلى أن الضغوط اللبنانية والأوروبية على السعودية دفعت بها إلى الموافقة على ظهور سعد الحريري في لقاء تلفزيوني يعد فيه بالعودة إلى لبنان خاصة بعد تصريحات الرئيس اللبناني ميشيل عون بأن بلاده ستتوجه إلى مجلس الأمن بشكوى رسمية من احتجاز رئيس الحكومة وما قاله من أن كل كلام يصدر عن سعد الحريري وهو في السعودية لا يعول عليه.

وفي هذا السياق يرى أمين قمورية أنه لولا الضغط العربي والأوروبي لما تمت المقابلة التلفزيونية من الأصل، وأن السعوديين أدركوا أنهم في موقف صعب وليس أمامهم إلا إعادة سعد الحريري أو التفاوض على إعادته لإنتاج تسوية جديدة بشروط أفضل.

سياسة النأي بالنفس

تحدث سعد الحريري كثيراً عن مبدأ النأي بالنفس، وكرر الكلمة كثيراً ما أثار ريبة فضول لما يقصد، وهو ما قد فهمه البعض أنه يخص السياسة العامة المتبعة في لبنان، وهو ما أكدت عليه قوى 14 آذار.

لكن المحلل اللبناني يرى أن المقصود بالأمر هو إنهاء دور حزب الله في اليمن، وأن حزب الله بوجوده في اليمن أو بمساعدته للحوثيين يهدد أمن السعودية، وبالتالي يجب عليه أن ينسحب من المشهد اليمني لتصبح اليمن ورقة مساومة. ويرى قمورية أن  استقالة سعد الحريري هي بمثابة رسالة لحزب الله مفادها “بأنه إذا أراد أن يبقى في لبنان متمتعاً بنفوذه، فليخرج من اليمن، وهو ما كان زعيم حزب الله حسن نصر الله قد تحدث عنه من قبل، وأشار إلى عدم وجود الحزب في اليمن ولكنه أشار إلى مساعدة اليمنيين باعتبارهم شعب مظلوم وواجب نصرته“. بحسب الخبير اللبناني.

انتقال السلطة في لبنان.. بيعة أم انتخابات؟

لا تحظى فكرة انتقال السلطة من سعد الحريري إلى أخيه بهاء بالكثير من الترحيب سواء بين النخب السياسية أو حتى على مستوى الشارع اللبناني، وهو ما عبر عنه جهاد المشنوق وزير الداخلية اللبناني.

ويؤكد الخبير اللبناني إنه “لا توجد انتخابات حقيقية في لبنان” وأن الأمر كله “موازنات سياسية”، خاصة وأن سعد بويع بعد اغتيال رفيق الحريري، لكن كان من الممكن لو كانت الأمور أهدأ في لبنان أن يأتي بهاء ليدخل الانتخابات كمنافس لأخيه ويأتي كل بفريقه لكن في النهاية السعودية لديها القدرة على حسم الأمر لصالحها.

وأضاف قمورية أن عائلة الحريري في أغلبها رفضت انتقال السلطة لبهاء لشعورهم بأن هذا الانتقال سيعني خروج اللعبة من بين أيديهم، خاصة أن عليهم علامات استفهام كبيرة لدور بعضهم في التفاهمات مع حزب الله، ووجود الكثيرين منهم في الدائرة المقربة للغاية من سعد الحريري، بحسب قمورة.

ويضيف “أيضا الكثيرين من تيار المستقبل لا يرغبون في وجود بهاء الحريري لكن على الجانب الآخر هناك بعض التيارات السياسية قد ترى في وجود بهاء فرصة تتيح لها مزيد من الظهور والتأثير في الأحداث”.

وحول تقبل حزب الله لبهاء الحريري بدلا من أخيه، يؤكد الخبير قمورية أن بهاء لو أتى فسيأتي بتوجه سعودي صارم، فحتماً لن يقبل به بديلاً من قبل حزب الله. ويضيف المحلل السياسي “هناك تسويات جديدة تحتاج إلى توافقات داخلية، وتوافقات دولية، ولا يمكن لأحد الآن ان يأتي فيها بسقف عال”. وأضاف”أعتقد أن الشخص السني المفضل لدى حزب الله هو سعد الحريري، فهم يرون ان الرجل يمكن التفاهم معه”.

ويرى أمين قمورية أن سعد الحريري استطاع في فترة وجيزة أن ينسج علاقات جيدة، سواء مع نبيه بري رئيس مجلس النواب، وبالتالي “فليس من السهولة أبداً أن يأتي شخص ليبدأ بنسج هذه العلاقات من جديد خاصة أن نسج العلاقات في لبنان أهم كثيراً من السياسة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى