ملفات وقضايا

الآثار اليمنية بين مطرقة الحرب وسندان النهب والسرقة

شهد اليمن عبر تاريخه العديد من الحروب والصراعات المسلحة التي دفعت الآثار ثمنًا بالغًا لها من النهب والتهريب، ومع دخول اليمن في حرب لا يعلم أحد متى تنتهي، تعرضت العديد من مواقعه الأثرية لدمار كبير.

تأتي قيمة اليمن التاريخية من أنه أرض ازدهرت عليها حضارات مختلفة، امتدت لأربعة آلاف عام، وبها شواهد وآثار على الحقب المختلفة التي مرت على أرضه منها السدود والقصور والمعابد والأسوار والتماثيل والمساجد والقلاع والحصون وغيرها.

ومن أشهر الممالك اليمنية القديمة مملكة سبأ في مأرب، ومملكة معين في الجوف، وقتبان في بيحان، وأوسان في مرخة، وحضرموت في شبوة.

هدم وسرقة ونهب

جزيرة سقطرى اليمنية

حاليًا، تواجه الآثار اليمنية التي تعود أغلبيتها إلى القرن الثامن قبل الميلاد، خطر الهدم والسرقة والنهب منذ اندلاع الحرب بين الحوثيين من جهة وتحالف “عاصفة الحزم” والمقاومة اليمنية من جهة أخرى، حيث ارتفع معدل سرقة وتهريب الآثار بشكل كبير إلى خارج البلاد، التي كانت تعرف سابقًا باسم “اليمن السعيد”.

ومنذ انطلاق عمليات عاصفة الحزم في مارس 2015 أصبحت المواقع الأثرية اليمنية مباحة أمام القصف المتبادل بين مليشيات الحوثيين من جهة، ولجان المقاومة الشعبية من جهة أخرى، وغارات طائرات التحالف العربي بقيادة السعودية من جهة ثالثة، حيث رصدت العديد من الإحصائيات الرسمية الصادرة عن الهيئة العامة للآثار والمتاحف اليمنية أضرارًا بالغة تعرضت لها مواقع أثرية في مناطق مختلفة من اليمن.

ففي محافظة صنعاء تعرض “قصر السلاح” المقام على أنقاض قصر غمدان الشهير الذي يعتبر واحدًا من أقدم القصور ومن عجائب الهندسة المعمارية، إلى الدمار، سكن فيه الملك سيف بن ذي يزن، آخر ملوك الدولة الحميرية، الذي حكم في القرن السادس للميلاد، وذكره كتاب “الإكليل” للمؤرخ اليمني أبو محمد الحسن الهمداني، كما اعتبره الرحالة محمد القزويني أحد عجائب بلاد العرب، إضافة إلى تعرض بعض المنازل الأثرية في مدينة صنعاء القديمة وقرية فج عطان إلى أضرار بالغة، جراء القصف الذي تتعرض له العاصمة بشكل متواصل.

سور مدينة براقش الأثرية

كما تعرض “مسجد وضريح الإمام عبد الرزاق بن همام الصنعاني” الواقع في منطقة حمراء بقرية دار الحيد بمديرية سنحان لتدمير بالغ.

وفي محافظة تعز تسبب القصف الجوي في تعرض “قلعة القاهرة” التاريخية والتي بنيت في عصر الدولة الصليحية (1045-1138م)، إلى أضرار جسيمة، ولعبت القلعة سالفة الذكر أدوارًا عسكرية وسياسية خلال تاريخها الطويل، كما أن الأيوبيين اتخذوها مقرًّا لإقامتهم وحكمهم بعد دخولهم اليمن عام 1173م، فضلًا عن أنها كانت مقرًّا لحكم الرسوليين الذين قادوا اليمن في الفترة من (1229-1454م).

وذكرت تقارير أن الحوثيين اتخذوا القلعة مقرًّا للقصف على المواقع الواقعة تحت سيطرة المقاومة الشعبية، الأمر الذي نتج عنه إغارة طائرات التحالف العربي عليها.

ومحافظة عدن دُمِّرت فيها “قلعة صيرة” التاريخية، التي بنيت في القرن الحادي عشر الميلادي، وكان لها دور دفاعي في حياة المدينة خلال المراحل التاريخية المختلفة، إضافة إلى تضرر “مسجد جوهرة” التاريخي، كما تعرض الطابق الثالث من “المتحف الوطني” للقصف، والذي يعود تاريخ بنائه إلى عام 1912 في عهد السلطان فضل بن علي العبدلي.

ومحافظة صعدة تعرضت فيها “المدينة القديمة” إلى القصف الجوي، إضافة إلى مسجد “الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم” أحد أقدم وأهم جوامع المدينة، والذي تم بناؤه في عام 290 هجرية، فتم تدميره.

كما طال الخراب العديد من المحافظات الأخرى، ففي محافظة الجوف تعرض سور “مدينة براقش” الأثرية التي بُنيت في فترة ما قبل القرن الخامس قبل الميلاد للتدمير، وفي محافظة مأرب تعرض سور “معبد أوعال صرواح” إلى التشقق، ويعود تاريخه إلى الدولة السبئية، وبُنِي في القرن السابع قبل الميلاد، أما محافظة الضالع فدُمِّرت فيها “دار الحسن” الأثرية الواقعة بقرية دمت التاريخية، والتي يعود تاريخها إلى فترة عصور ما قبل الإسلام.

إلهام محمد علي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى