اخبار خاصة

اليمنيون.. بين مطرقة الحوثي وسندان الشرعية

اخباري نت.

يتقاضى مسؤولو الحكومة الشرعية الرواتب والمخصصات المالية دون نقصان، لقاء ممارسة دورهم الوظيفي، لكنهم لا يقومون بوظائفهم تجاه الاقتصاد والمجتمع، وينهب الحوثيون موارد الدولة في مناطق سيطرتهم، ويبتزون المواطنين والتجار بالضرائب ورسوم الخدمات، ويعطلون خدمات الدولة ولا يصرفون الرواتب.

يشتري المواطنون في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي خدمات الكهرباء والمياه والصحة والتعليم، على حسابهم الشخصي، بينما تشتري الحكومة الشرعية الكهرباء من التجار من أموال الشعب، وتركت محطات الكهرباء الحكومية تأكل نفسها حتى وصلت إلى العجز عن القيام بخدماتها.

تتفشى أمراض الكوليرا والدفتيريا والحصبة وحمى الضنك والجرب، في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي، وتحصد أروح عشرات الآلاف من السكان، في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، في ظل تدهور القطاع الصحي، وعدم قدرته على الاستجابة لاستقبال الحالات المرضية الطارئة.

تتاجر ميليشيا الحوثي بالجوع والأوبية وسوء التغذية، لنيل الأموال ونهبها باسم الإغاثة والمعونات، فيما تتاجر الحكومة الشرعية بالعملة الوطنية “الريال” وتطلب الدعم والمعونات من دول الخليج وشركاء اليمن في التنمية، حتى لا يتدهور سعر الصرف وقدرته الشرائية، ويتضرر المواطنون.

تمارس ميليشيا الحوثي الطائفة، أبشع أنواع التمييز العنصري، بحق الشعب اليمني، وتوظف أبناء سلالتها فقط في المناطق الإدارية والإيرادية، وتستبدل الموظفين بآخرين موالين لها، في حين عين وزراء ومسؤولو دولة حكومة هادي أبناءهم وأقاربهم وآخرين موالين بوظائف عليا دون مهام في الدولة وفي السلك الدبلوماسي، تحت اعتبارات المحاصصة والسيطرة على مفاصل الدولة، بينما تعثرت ملفات المواطنين في أدراج وزارة الخدمة المدنية منذ عقود.

تُغرق الحكومة الشرعية الشعب بالديون والاقتراض من الخارج لدعم البنك المركزي اليمني والعملة الوطنية، وتستمر ميليشيا الحوثي بالاقتراض من البنوك المحلية لتسيير أعمال حكومتها الانقلابية، والمؤسسات العامة التي تسيطر عليها، ويحجم الطرفان عن تسديد الديون وفوائدها المستحقة على اليمن منذ سنوات.

تنشط منظمات الأمم المتحدة في تغطية الاحتياجات الإنسانية في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي، ويقدم الهلال الأحمر الإماراتي ومركز الملك سلمان للإغاثة، والهلال الأحمر الكويتي، الدعم والمعونات للمحتاجين في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية.

يقوم مكتب الأمم المتحدة الإقليمي، عبر مكتبه في اليمن، بتنفيذ بعض الأعمال في المدن الحضرية، لاستعادة الخدمات الطارئة، في قطاع الكهرباء والصحة والصرف الصحي، والطرق الرئيسية والفرعية داخل المدن ورصفها، ويتسابق مسؤولو الحكومة الشرعية والحوثيون على أخذ صور سلفي بجوارها ونشرها في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.

يشتري المواطنون المشتقات النفطية ومادة الغاز المنزلي بأسعار مرتفعة، وسعرت الحكومة الشرعية دبة البترول بـ7 آلاف ريال، بنقص سعر 300 ريال فقط، عن سعرها في مناطق ميليشيا الحوثي التي تبيع دبة البترول ب7300 ريال، وتتساوى الأسعار المرتفعة للمواد الغذائية والخدمات الصحية والتعليمية للقطاع الخاص في مناطق سيطرة الطرفين.

تعرضت البنية التحتية في جميع أنحاء البلاد إلى دمار واسع النطاق جراء الحرب، وممارسات ميليشيا الحوثي الإرهابية، وسياسيات حكومة الشرعية، ما تسبب بعرقلة التعافي الاقتصادي، ونزوح رؤوس الأموال إلى خارج البلاد، وتشويه بيئة الاستثمار، وانخفاض النشاط الاقتصادي.

في مناطق الحكومة الشرعية، محطات توليد لكهرباء والطرق الرئيسية والفرعية في المدن، والمستشفيات وأصولها المادية، وشبكات المياه، والصرف الصحي، تأكل نفسها وتقدم عمرها، فمنها من قضت، وأخرى تعيش أنفاسها الأخيرة، حتى محافظة مأرب التي تنتج وتصدر النفط والغاز، تفتقر إلى البنية التحتية، وتشتري الكهرباء من القطاع الخاص، وهي تحتضن أكبر محطات توليد للطاقة على مستوى البلاد.

عطلت ميليشيا الحوثي أي أعمال صيانة لمرافق البنية التحتية، وأوقفت الخدمات الأساسية، وسلعتنها على المواطنين في وقت مبكر من سيطرتها على الدولة، بينما اتخذت الحكومة الشرعية سياسة عقابية، تجاه أصول الدولة ومرافق البنية التحتية، سياسة تصفير قدرات البنية التحتية- حتى تصل إلى الموت، ولم يعد بقدورها تقديم دورها، وستنعكس عبئاً ثقيلاً على التنمية في المستقبل.

إن إعادة البنية التحتية إلى وضعها الطبيعي، في ظل الاستمرار في عدم صيانتها وإهمالها، قد يتطلب موازنة جديدة تزيد أضعافاً على ما أنفقته الحكومات السابقة عند إنشائها، وقد تتحول إلى فرن لإحراق الأموال واستنزاف مواد الدولة، حتى تستمر في عطائها، وهو أمر مكلف، ستتحمل تبعاته وثمنه الأجيال القادمة.

لم يتبق من دور الدولة الشرعية، غير شعارها الرسمي، وتسيير الوثاق والمعاملات، الشخصية للمواطنين، الذين يحصلون عليها بشق الأنفس، وبيع النفط والغاز وتحصيل الموارد الجمركية والضريبية، ودفع رواتب جزء من موظفي الدولة، وتستلم كل مخصصاتها المالية، من رواتب ومساعدات وهبات وعلاوات، لكنها لا تكلف نفسها ردم حُفرة صغيرة في شوارع المدن الخاضعة لسيطرتها.

أوقفت ميليشيا الحوثي رواتب الموظفين، وتدفع رواتب ومخصصات عناصرها باسم أنهم رموز دولة ومسئولون عن تسييرها، ولم يتبق من الدولة، في مناطقها، إلا مصالحها الإيرادية، وسجلات أصولها المالية وقوائم الشركات والأفراد المشمولين بدفع الضرائب والمستحقات المالية.

خصصت حكومة هادي موازنة العام 2019، فقط لصرف الأموال والمستحقات، لجهازها الإداري في الوظائف العليا للدولة، المقيم غالبيتهم في الخارج ويستلمون بدلات الإقامة والمساعدات والامتيازات المالية، وموظفون مع وقف التنفيذ، كنظام رسمي، لكنها ظلت تستلم الأموال بشكل عشوائي على مر الأعوام الماضية.

جمدت ميليشيا الحوثي العمل في الموازنة منذ انقلابها على الدولة في 21 سبتمبر، وحولت موارد الدولة لخزينتها الخاصة واكتفت بصرف رواتب لما تسميه “المجلس السياسي، ومجلس النواب، ومجلس الشورى، ومجلس الوزراء” رواتبهم مع جميع المخصصات لا ينقص منها فلس واحد شهرياً، دون موظفي الدولة الحقيقيين الذين يسقطون من الجوع ويغرقون في الديون.

لقد أدت الحرب التي طال أمدها بين الحكومة الشرعية وميليشيا الحوثي إلى إفقار قطاعات كبيرة من السكان، وإلى جانب دفع المزيد من الناس إلى الفقر، فقد زاد عمق الفقر إلى حد كبير، وحالة فقر أسوأ بكثير من ذي قبل، وفي الوقت نفسه، استفاد بعض الأفراد والجماعات من اقتصاد الحرب المتنامي، بينما تنمو فجوة الفقر وتعاني العديد من الأسر في قاع التوزيع، واستغل طرفا الصراع الحرب لإثراء أنفسهم، مما أدى إلى تزايد عدم المساواة.

لقد صدرت حكومة الشرعية، أنموذجاً محبطاً لملايين اليمنيين، بفسادها واللامبالاة وإفلاتها من العقاب، ومنحت ميليشيا الحوثي القوة، عبر فسادها ودورها السيئ الرخو، الذي خلق خلال السنوات الأربع الماضية، سخطاً وإحبطاً شعوبياً، أضفى على سلطة الحوثي عمراً إضافياً وسوقها كنموذج لدولة.

لا يختلف عارفان على أن الحكومة الشرعية والحوثيين يتشاركون في الفساد، ونهب المال، واستغلال السلطة، ويتاجرون بقوت المواطنين، ويتربحون من معاناتهم، ولا يقدمون لهم واجبات الدولة؛ الحوثيون يقتلون اليمنيين بالقذائف والرصاص والألغام والتجويع، وحكومة هادي تقتل اليمنين بمصادرة مستقبلهم والقضاء على طموحهم الجمهوري الديمقراطي الحر بتخاذلها، وتقديم مصالحها الشخصية عن المصلحة العامة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى