مقالات

الحوثي يسقط ” نهائيا ” حق العودة لآل حميد الدين!

 

كامل الشرعبي :
بعد مرور ثلاث سنوات على إنقلاب الحادي والعشرين من سبتمبر الذي تصفه جماعة الحوثي ب” الثورة ” يبدو أن هذه الجماعة قد إتخذت قرارا نهائيا غير معلن بإسقاط حق العودة لأسرة ” آل حميد الدين ” التي ثار عليها الشعب اليمني في السادس والعشرين من سبتمبر عام 1962 طاويا بذلك صفحة نظام هو الأكثر رجعية وتخلفا وإستبدادا وكهنوتا على مستوى العالم .

في شهر يونيو من عام 2004 أعلنت هذه الجماعة عن نفسها كفصيل متمرد ورفعت السلاح في وجه الدولة لتخوض ستة حروب متلاحقة ضد الجيش اليمني ، وحينذاك كانت توجه الإتهامات للحوثيين بالسعي للإنقلاب على النظام الجمهوري وإعادة عقارب الساعة إلى زمن الحكم الإمامي السلالي .

وخلال تلك الحروب سعت الجماعة إلى الإستفادة من تلك الإتهامات في تهييج مشاعر وطموحات العائلات الهاشمية وخصوصا العريقة منها والتي ظلت تنظر إلى ثورة 26 سبتمبر بإعتبارها إنقلابا سلبها نفوذها وأفقدها مصالحها رغم التعايش الذي أظهرته ورغم الضمانات التي وفرها إتفاق المصالحة الوطنية و الحصة التي إعتمدها لتلك العائلات من كعكة النظام الجمهوري فيما يشبه المحاصصة غير المكتوبة .

وعقب إجتياح الحوثيين لصنعاء وإنقلابهم تاليا على السلطة الهشة ، إعتقد كثيرون أن عودة ما بقي من أسرة حميد الدين أصبحت مسألة وقت وأن تبوأ بيت حميدالدين موقعا مرموقا وإستحواذها على مناصب عليا بات أمرا حتميا .

غير أن ما حدث كان على النقيض من ذلك ، الأمر الذي كشف عن أن صعود قوى شيعية إلى الواجهة في عدد من البلدان العربية لم يتم بصورة إعتباطية ، ولم يترك المخرج الإيراني الأمر للعاطفة بحيث يجري إسناد زمام القيادة لعائلات هاشمية أكثر تجذرا وأصالة وتمتلك هوية وطنية وعربية وإرثا يجعلها تواقة لإمتلاك هامش أكبر من الإستقلالية وربما التمرد مستقبلا.

ففي لبنان أولا كانت واقعة إختفاء المؤسس الفعلي لحزب الله الإمام موسى الصدر عقب زيارته للجماهيرية العربية الليبية في 1979 ، وتؤكد تقارير متطابقة بأن نظام القذافي ما كان بمقدوره الإقدام على إختطاف وإخفاء الصدر حيث لا زال مصيره مجهولا ولم يعرف هل قتل أم لا ، لو لم يتم الأمر بتنسيق مع مخابرات نظام الإمام الخميني الذي كان يمهد الطريق لقائد آخر يتزعم حزب الله ليس إستنادا إلى إرث عائلة هاشمية عربية أصيلة بل ينتمي لعائلة شيعية مغمورة بحيث يكون ولاءه كاملا لإيران التي صنعته من لا شيئ .

وفي العراق بعد إسقاط نظام الرئيس صدام حسين ، وتسليم الولايات المتحدة العراق على طبق من ذهب لنظام الملالي في إيران ، تابع الجميع كيف أن طهران لم تترك مسألة الإستحواذ الشيعي على السلطة للتوافق أو التنافس الداخلي بحيث يتولى الفصيل الأقدر والأكثر حضورا شعبيا و وطنيا ، وإنما عملت على تسوية الملعب بما أفضى لوصول رموز شيعية أقل تأصلا وبلا موروث و يعتمد بقاءها على الدعم الإيراني والتبعية الكاملة للدولة الفارسية ، في الوقت الذي تم فيه إقصاء التيارات الشيعية المتجذرة وذات الموروث الوطني العراقي والعربي كما هو حال تيار مقتدى الصدر أنموذجا .

وفي اليمن لم يبدأ التدخل الإيراني مع حرب صعدة الأولى عام 2004 ، وإنما سبق ذلك ترتيبات إيرانية من وقت مبكر …والسؤال الذي يطرح نفسه هنا : لماذا لم تلجأ إيران إلى فتح قنوات آتصال مع عائلات هاشمية وازنة ولها نفوذ وجذور وتأثير على شاكلة آل حميد الدين الذين لهم القدرة على تحريك الشارع مجددا إذا ما إمتلكوا الإمكانيات والدعم شأنهم شأن كثير من الأنظمة العائلية التي أسقطت وغادرت إلى المنفى ثم عادت مجددا…أو عائلات أخرى مرموقة مثل بيت الوزير أو بيت المتوكل أو بيت شرف الدين.
والجواب هو أن مخابرات نظام طهران إختار كالعادة عائلة شيعية مغمورة ومجهولة الجذور بحيث تكون صناعة إيرانية خالصة ويرتبط وجودها وبقاءها بالتبعية الكاملة لنظام الملالي ، ويكون إنتماءها للدولة الفارسية أكثر من إنتماءها لليمن أو لمحيطه العربي .

وبناء على ما سبق فإن عبدالملك الحوثي لم يسمح ولن يسمح مطلقا بعودة آل حميد الدين لأن ذلك يتقاطع مع طموح الزعامة لديه وأيضا لا يتوافق مع رغبة المخرج الإيراني ..كما أن الحوثي قد يمنح العائلات الهاشمية العريقة الأخرى بعض الأدوار ولكن في إطار تكتيكي مرحلي ، وإذا ما استمرت الجماعة طويلا في السلطة فسوف يكون مصير تلك العائلات الإقصاء والتهميش .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى